الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الخامس عشر (( 4 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الخامس عشر (( 4 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019 | الثلاثاء, ديسمبر 17, 2019

ظل فتحى يجلس مستلقياً بغرفته طيلة فترة القيلولة متفكراً .. كان يضع وسادةً على وجهه متظاهراً بالنوم لكنه خلال ذلك كان يسترجع الأحداث ويقلب الأفكار فى غير رضا .. يسائله خاطره (( لماذا تكذب يا فتحى ؟ .. ما الذى يجعلك تلجأ إلى كل هذا ؟ .. لقد أصبح الكذب قوتك وخبزك وهواءك الذى تتنفس .. صرت فارساً لا يضاهى فى امتطاء الكذب ؟! )) .. حين ذاك لا يمكنه غير أن يتململ وهو يفكر بوسيلة أو اختراعٍ جديدٍ .. بالتأكيد ذلك لن يتعدى كذبةً طازجةً أخرى دون أى إحساس بالندم ! . 

فى المساء .. كان قد استقر على رأى وتوصل به التفكير إلى اختراع جديد .. قال لزوجته بعد أن طلب منها كوباً من الشاى مشيراً إليها بأن تجلس بقربه :
-      مريم .. أحس بالخجل ولست أدرى من أين أبدأ .
-      أنا زوجتك فلماذا الخجل ؟! .
-      نعم أنت زوجتى وحبيبتى وأم ولدى الآتى قريباً ولكنى أفكر بأمر وهو ليس لنفسى فأنا والحمد لله عندى البيت والسيارة والعمل .. ولكنى أفكر بك أنت وبهذا الضيف الذى سيقبل عما قريب .
رشف آخر جرعةٍ من الكوب وامتص نفساً طويلاً وأخذ يخرج الدخان من صدره على مهل :
-      لم أفهم .. ما الذى تريد قوله ؟ .
-      ما أردت قوله هو أننا أنت وأنا صرنا واحد وليس عيب ان ساعدت المرأة زوجها .
-      بم أستطيع مساعدتك ؟ .
-      أنت تعرفين أن البيت ما زال بحاجةٍ إلى كثير من التشطيبات وبعدها سنحتاج إلى آثاث وأنا لا أريد أن أتنصل من وعدى ولكننى أيضاً عاجز عن الوفاء به فضروفى المادية حالياً صعبةٌ جداً .. باختصار لا يمكننى أن أنهى كل هذا حتى بعد سنة .
-      ربما يمكننا أن نصبر حتى يفرجها الله .
-      صحيح ولكن الصبر سيطول وأنا أراك غير مرتاحةٍ تماماً .
-      ...........................
-      أنا أعرف .. تخيلى لو أننا الآن ننام فى غرفة نومنا بمنزلنا الخاص بنا حيث المدينة والحضارة والناس يحيطون بنا من كل جانب والسوق والشوارع الواسعة .
-      متى يأتى ذلك اليوم ؟ .
-      وما الذى أتحدث عنه الآن ؟ .. هو حلم ولكنه ما يزال بعيد المنال .
-      ليتنى أستطيع أن أساعدك .
-      تستطيعين .. أنت لديك ذهبٌ لا تحتاجينه الآن ولا تلبسينه إلا فى المناسبات ففكرت لو نستغنى عنه فى الوقت الحاضر ونبيعه وبثمنه ننجز ما تبقى من تشطيبات البيت ..وأنا أعدك بأننى سأعوضك عنه خلال مدة قصيرة فأنا إذا ما استقرينا فى بنغازى سأعمل ليل نهار ولدى مشروع صغير سيساعدنى على تحقيق كل طموحاتى الصغيرة هذه .
أحست مريم بالحرج فهى التى لم تتعود على رد أحد كيف ستفعل ذلك الآن مع زوجها .
ظلت ساهمة تنظر إليه وهو يتحدث ويطير بها بأجنحة الأحلام يدخن بنهم ويتحدث دونما توقف :
-      إنه لأجلنا معاً ولأجل مصلحتنا سنعيش هناك حياة ترف ورفاهية بعيداً عن كل الناس الذين آذوك والناس الذين أذونى أنا أيضاً .. أستطيع أن استلف بعض المال ولكنه سيكون عبئاً ولن ينجز لى الكثير .
-      أنا لن يرضينى أن تستلف وتضع نفسك فى حرج ولكنى أخشى أن تأتى مناسبة ما ...............
-      أنا زوجك وليس عيباً إن ساعدتنى وليس بالضرورة أن تخبرى أحداً .. ثم أيهما أهم زوجك أم هؤلاء الناس الذين تخشين كلامهم ؟! .
-      لست أخشاهم ولكن أهلى سيسألونى وسـ..........
-      فليسألوا .. عموماً لن أضغط عليك فالذهب ذهبك وأنت حرة .
 قال ذلك بلكنةٍ بدت فيها نبرة الغضب واضحة .. أخرج لفافةً أخرى وأشعلها بينما كانت هى ترمقه محتارة .. ظل يدخن وهو متحفزٌ لتلقى الجواب من فمها فيما كانت هى تفكر فيما قال .. ولم يطل انتظاره فلقد انفرجت شفتاها عن ابتسامةٍ أتبعتها بإيماءةٍ من رأسها :
-      إسمعى (( قال بلهفةٍ وفرح وهو يحضن كفيها )) لن آخذه كله .. الآن سآخذ الـ(( دملج )) وإذا احتجت للـ(( صنيبرة )) فسآخذها لاحقاً ولكن كما قلت لك سأعوضك عن كل شىء .
ابتسمت وهى تبعد الكوب من أمامه وقالت :
-      ليس بيننا فرق وما فائدة الذهب إن لم نستفد منه وقت الحاجة ؟ .

-      نعم صدقت وربى يقدرنى ونعوضك خير منه . 
 --------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق