الرئيسية » , » ضعف القراءة والكتابة لدى تلاميذ المرحلة الإبتدائية - الأسباب وطرق العلاج

ضعف القراءة والكتابة لدى تلاميذ المرحلة الإبتدائية - الأسباب وطرق العلاج

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الأربعاء، 5 نوفمبر 2014 | الأربعاء, نوفمبر 05, 2014


ظاهرة ضعف القراءة وتهجى الحروف بشكل صحيح وكتابة الكلمات ورسم الحروف ظاهرة قديمة نلاحظها لدى الضعفاء فى التحصيل العلمى ولدى تلاميذ المرحلة الإبتدائية بشكل كبير .. وهى مشكلة حقيقية إذا ما أخذنا فى الإعتبار أن العربية هى لغتنا الأم وهى أساس تقدمنا وتعلمنا إذ لا يمكننا بأى حال تعلم شىء ما لم نكن قادرين على التمييز بين حروف لغتنا ونطقها وكتابتها بشكل صحيح .
خلال السنوات الأخيرة دأبت على اتباع طريقة معينة فى محاولة منى لمعالجة هذه الظاهرة لدى تلاميذى فى الصف الثالث الإبتدائى .. وربما استفدت من كونى أباً أيضاً لصغار مازالوا فى المرحلة الإبتدائية فبذلت جهدى لتطبيق أفكارى على أبنائى أولاً وقد تحصلت حقاً على نتائج جيدة جداً .
كما أن تجربتى خلال السنوات الأخيرة مع تلاميذى قد أتت بنتائج جيدة أيضاً ولاحظت تحسناً ملحوظاً لدى كثير من التلاميذ .. ولكنها أيضاً طريقة متعبة جداً وتتطلب صبراً ومثابرة وتحمل لكثير من المشاكل والعوائق .
لنبدأ أولاً بتشخيص المشكلة بشكل عام .
أعتقد من خلال تجربتى ومن خلال قراءتى لعدد من البحوث فى هذا المجال ومن خلال تشخيصى لحالات تلاميذى أن أسباب ضعف التلاميذ فى مادة اللغة العربية عموماً ومادة القراءة أو النصوص على وجه التحديد يعود إلى عديد الأسباب .. بعضها يتعلق بالكتاب المدرسى وبعضها الآخر بالمعلم وبعضها بالتلميذ وبيئته .
أولاً : الكتاب المدرسى ..
رغم محاولات الدولة الليبية وسعيها منذ سنوات لمحاربة الطرق التقليدية فى التدريس واعتماد الطرق الحديثة مثل الطريقة السنغافورية التى تعتمد على التعلم واللعب فى آن واحد إلا أنها جهود تذهب هباءً لأسباب وجيهة أهمها :
1- عدم التناسق بين مادتى القراءة والحساب فى الصف الأول وهذه مشكلة سبق ونوهت عنها فى عدة مواضع دون جدوى وضربت لذلك مثالاً واضحاً يتمثل فى عقد مقارنة بين الدرس الأول فى كلتا المادتين .. ففى الحساب سيتعلم التلميذ العدد (( 0 )) نطقاً وكتابة بالحروف وهنا يكمن الخطأ فكلمة صفر تبدأ بحرف الصاد الذى يتوسط ترتيب الحروف الأبجدية .. بينما فى القراءة سيبدأ بتعلم الحرف همزة أو ألف ! .
القائمون على المناهج ابتكروا طريقة جديدة تتمثل فى عدم تعليم التلاميذ الأبجدية بترتيبها المعروف وإنما يتعلم فى كل مرة حرفين متباعدين مثل الألف والميم !! .

2- إحتواء الدروس على كثير من الكلمات الصعبة والتى تزيد التلميذ نفوراً من المادة .. سنأخذ مثالاً من الصف الثالث الإبتدائى يتمثل فى الدرسين الأول والثانى .. الدرس الأول (( نشيد جدتى )) شديد الصعوبة على تلميذ فى هذه المرحلة وهو حفظ بينما الدرس الثانى (( دعاء الطفل )) وهو سهل وممتع دراسة فقط .. هذا النشيد تعلمناه صغاراً وما زلنا حتى ونحن كبار نردده ونتذكر أبياته الرائعة :
يا إلـــهى يا إلهى                  يا مجيب الدعوات
إجعل اليوم سعيداً                 وكثير البركـــــات
الدرس الرابع مثال آخر شديد السوء فهو يتحدث عن اللغة العربية ويستشهد الكتاب بمقتطفات لكتاب ومتخصصين جامعيين (( تألقت العربية فى دواوين الشعراء فخطت أروع القصائد وبرزت أجمل الأراجيز )) ! .. طبعاً هذا الكلام موجه لتلاميذ فى الصف الثالث الإبتدائى ؟!.
والأمر أن يأتى ببيتين من الشعر لحافظ إبراهيم ويطلب من التلاميذ حفظهما :
وسعت كتاب الله لفظاً وغـــايةً
                               وما ضقت عن آىٍ به وعظات
أنا البحر فى أحشائه الدر كامن
                               فهل سألوا الغواص عن صدفاتى
وفى هذا عدم مراعاة من قبل واضعى المناهج للمرحلة العمرية حيث يعمدون فى كثير من الدروس إلى حشر عبارات وأمثال وأناشيد لا تتناسب مطلقاً مع تلميذ فى هذه المرحلة خاصة الصفوف الثلاثة الأولى .
3- تقسيم مادة القراءة إلى جزئين وكل جزء يتكون من كتابين واحد للدروس وآخر للتطبيقات وهذا الأمر ينطبق على كل المواد .. بل إن بعضها يتكون من أربعة كتب مما يزيد من نفور التلميذ وكرهه للمدرسة بسبب هذا الكم الهائل الذى يحمله فوق ظهره .
4- الطباعة السيئة وعدم تضمين الدروس صور ورسومات مناسبة ومحفزة للتلاميذ .

ثانياً : المعلم ..
1- عدم إقامة دورات تدريبية لرفع كفاءة المعلمين .
2- عدم التناسق بين طريقة عرض الدرس فى الكتاب وطريقة آداء المعلم حيث نلاحظ اعتماد الدروس على الطريقة الحديثة التى سبق الإشارة إليها فيما يطبق المعلم طريقة التلقين والحشو القديمة والتى تزيد التلميذ نفوراً وكرهاً للمادة .
3- عدم مراعاة المعلم للفروق الفردية بين التلاميذ وهذا يجعل آداء المعلم ينحصر فى مستوى التلميذ المتوسط فما فوق .
ثالثاً : التلميذ والبيئة ..
هنالك أسباب كثيرة بعضها يتعلق بصحة التلميذ نفسه كالنظر والسمع .. وبعضها يتعلق بأسباب نفسية ناجمة عن مشاكل يعانيها التلميذ مثل المشاكل الأسرية – عدم وجود أحد الوالدين فى البيت – الإهمال الأسرى – طريقة العقاب فى البيت ...الخ
وبعض هذه المشاكل يتعلق بعدم تعاون ولى الأمر مع المعلم وعدم متابعته لابنه أولاً بأول .. فعلى سبيل المثال لا يشجع الأب أو الأم ابنه على فتح الكتاب والدراسة فى الأيام العادية .. ولا يلقنه تنظيم شؤونه وهنا يحدث الضغط على التلميذ فى أيام محددة فتكون النتيجة غير سارة .
رابعاً : أسباب أخرى متفاوتة ..
هنالك أيضاً أسباب أخرى لا يجب إهمالها نذكر منها :
1- عدم وجود إضاءة مناسبة فى الفصل – تدفئة أو تهوية مناسبة – لوحة كتابة (( سبورة )) واضحة .. وهذه تعد من المشاكل الرئيسية خاصة فى المدارس العامة .
2- عدم وجود حصص ترفيهية أو تحفيزية للطالب بشكل حقيقى وفعال .
3- عدم وجود مكتبات بالمدارس ولهذه النقطة بالذات انعكاسات سلبية فلو وجدت بكل مدرسة مكتبة ومنح التلميذ حصة أو اثنتين كل أسبوع ليدخل المكتبة ويقرأ لكان لذلك دور إيجابى فعال فى حب القراءة .
4- نظام الترحيل المعمول به والذى يجعل التلميذ معتمداً على نجاح سهل ومضمون خاصة إذا كان ولى الأمر غير مهتم وغير مدرك لمخاطر هذه النقطة وانعاكسها على ابنه فى المستقبل .
... إذن ما الحل وكيف يمكننا التغلب على هذه المشاكل ؟
أعتقد أن الأمر قد صار واضحاً جداً بعدما تم تشخيصه بجلاء .. وما لم تكن لدينا مؤسسة مدعومة وميزانية تنفق على تحسين ومعالجة هذه المشاكل فيجب على المعلم أن يبذل قصارى جهده لمعالجة ما يمكنه علاجه .. ولعلى هنا سألجأ إلى ما دأبت عليه خلال السنوات الأخيرة كنصيحة أوجهها لإخوتى وأخواتى من معلمى ومعلمات اللغة العربية على وجه الخصوص ولن أنس بالطبع أن أهمس لأولياء الأمور بأن لهم دور مكمل لدور المعلم باعتبار هذه العملية عملية تربوية تعليمية لا تستقيم إلا بتكامل الأدوار .
·      المعلم :
-        لابد للمعلم أولاً أن يعمل على إيجاد تآلف بينه وبين تلاميذه وأن يبتعد عن الشدة فى غير مواضعها وأن يبتسم فى وجه تلاميذه ويمازحهم حتى يألفوه ويجد فى قلوبهم قبولاً فالتلميذ إذا أحب معلمه أحب مادته وبذل جهداً أكبر لاستيعابها .
-        من الضرورى جداً أن يمنح المعلم نفسه وقتاً كافياً حتى يتمكن من تقييم تلاميذه كل على حدة مراعاة لمسألة الفروق الفردية بين التلاميذ سواء فى الإستيعاب أو سرعة الكتابة أو طريقة الكتابة أو النظام أو الإستجابة .. وهذا لن يتأتى إلا بعد وقت .
-        ضرورة التزود بمعلومات حول الوضع الصحى أو الإجتماعى للتلاميذ الضعفاء لإيجاد الطريقة المناسبة التى تمكن المعلم من إيصال المعلومة بالطريقة التى يتقبلها التلميذ ويتفاعل معها لا أن يهمل الضعاف منهم .
-        عدم إغفال العقاب ولكن ليس كل فعل يمكن المعاقبة عليه مع محاولة استعمال سياسة التشجيع فبمجرد أن ألاحظ أن الطفل لديه الرغبة فى المحاولة أكون قد حققت خطوة مهمة .
·      ولى الأمر :
-        ضرورة بذل بعض المجهود فى البيت والجلوس مع التلميذ ولو لنصف ساعة يراجع معه دروسه أولاً بأول .
-        تعويد التلميذ على تنظيم شؤونه بحيث يقسم وقته بين الدراسة واللعب .. ولابد أن يضع الأباء فى اعتبارهم أنهم قدوة لأبنائهم وأن الإبن ليس سوى صورة أو مرآة عاكسه لك .
-        الإبتعاد تماماً عن استعمال أية ألفاظ أو كلمات من شأنها أن تسهم فى عزوف التلميذ عن الدراسة وكرهه للمادة .. وبدلاً من ذلك نعمل على تشجيعه حتى وإن أخطأ ونصوب له الأخطاء أولاً بأول .. وسيكون رائعاً جداً لو ربت الأب على كتف ابنه أو شجعه عندما يصيب بقبلة وببعض الكلمات وبهدية جيدة مثل مجلة أو قصة مناسبة .
-        التواصل مع معلم المادة ومراجعته بين حين وآخر وتنسيق الجهود معه للخروج بنتائج مرضية .

وسنتناول فى الجزء التالى نقاطاً سريعة وبسيطة يمكن لولى الأمر اتباعها فى البيت وسيكون لها مردود إيجابى جداً على التلميذ .

+ آراء وانطباعات + 5 آراء وانطباعات

غير معرف
29 مارس 2015 في 5:48 م

كلام جميل وعملى وسهل التطبيق

غير معرف
6 مارس 2017 في 5:24 م

والله كلام منطقى ورصد واقعى بس وين المسؤول اللى يشعر بالمسؤولية

غير معرف
14 أكتوبر 2018 في 7:44 م

بارك الله فيك أستاذ

ام حنين
6 فبراير 2020 في 7:09 م

بارك الله فيك

5 أبريل 2023 في 12:50 ص

بارك الله فيك أستاذنا

إرسال تعليق