أحمد يوسف عقيلة وخيوله البيض

الخيول البيض .. أولى ثمار القاص (( أحمد يوسف عقيلة )) التى يقدمها لنا مغموسةً بنكهتها البدوية الموغلة فى البساطة لتبق طعماً رائقاً عالقاً فى زوايا الذاكرة .

عرفناه مولعٌ بالحكايات .. مغرمٌ بالطبيعة بكل ما تحتويه من تفاصيل وجزئيات .. وهو يقدم لنا فى هذه الباكورة ثلاثٌ وعشرون قصةً تميزت عموماً بالقصر الشديد مع كثافة العبارة وقوة الوصف دون الإخلال بقواعد اللغة .. وهو قاصٌ يتقن الحبكة والنسج القصصى .

أما المحيط العام للمجموعة فلم يتجاوز حدود الريف والقرية .. ذلك أنه ابن للريف وكل حكاياه التى يرويها لنا تصف الريف بمكوناته وأبطاله الذين نلاحظ أنهم فى غالبيتهم فى هذه المجموعة من كبار السن .

أما الأسلوب الذى يتبعه القاص فهو أسلوب السهل الممتنع .. وهو يعطينا الأشياء طازجةً وكما هى ببساطتها دون المغالاة فى انتقاء الألفاظ .. وبرغم ذلك فلم تخلو قصصه من بعض الإسقاطات والرموز غير المباشرة .. وسنلاحظ ذلك مثلاً فى قصص ((

كاتب الأمانى وشوال التمر وتواطؤ وتحولات )) .

كما لا تغيب السخرية عن معظم أعماله .. ويظهر واضحاً جداً تأثره بالروائى الكبير (( إبراهيم الكونى )) ليس فى النفور من المرأة وتحميلها كل أوزار آدم وإنما حتى فى الأسلوب .. ولنقرأ هذا الجزء من قصة الـ(( هدهد )) :

-  ينامان فى العراء .. يكرهان السقف والجدران .. ويعشقان أنفاس الخلاء .. وأى سقفٍ أفضل من السماء .. الإنسان يصر دائماً على أن يجعل بينه وبين السماء سقفاً .. أصابته لعنة الإمتلاك وعبودية الإستقرار فشقى وأشقى ..! .

والمشهد الـ(( كونى )) إن جاز لى التعبير يتكرر بعد ذلك ولو بصفةٍ أقل مباشرةً وحدةً فى عددٍ من القصص .

وفى قصة (( إسترداد لحظة )) .. يمنح الكاتب بطلى قصته أصباغاً لم تك مناسبةً سيما وأن البطلين كانا عجوزين بدويين جبلا على البساطة والفطرة البدوية الريفية .. لكن الكاتب حولهما إلى ما يشبة الفيلسوفين وهذا الأمر لم يك واضحاً بالنسبة لى ولم أستطع تبين مآرب القاص من ذلك . 

وتبقى لأحمد يوسف عقيلة بصمته التى تجاوزت الأدب المحلى .. ويبقى له أسلوبه الفريد .. وعالمه الساحر .. وحكاياه التى لا تنته .

البيضاء – ليبيا

2001.3.28