الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الرابع عشر (( 4 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الرابع عشر (( 4 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الاثنين، 4 فبراير 2019 | الاثنين, فبراير 04, 2019

الآن أصبح بمقدورها أن تتعرى دون خجل من كبريائها الزائف وأن تسفح الدمع وترمى برداء البأس .. لا أحد يرها .. الأولاد فى الخارج يلعبون وهى وحيدة لا يوجهها شىء سوى جدران فاحت بضحكاتها وبلاط يعزف وقع قدميها .. لا شىء بصحبتها غير العجز والرغبة الشديدة فى البكاء فقد أضحت وحيدة .. ما أقساه من شعور أن تجد نفسك وحيداً فى مواجهة عجزك .

لم تك مريم مجرد ابنة بل كانت رفيقةً وأختاً وأماً .. كانت تسد فراغاً كبيراً فى حياة أمها والآن بانت الهوة وانفتقت الجراح وسال الصديد .
خرجت لتفتح الباب بعد أن جففت الدمع ومسحت وجهها براحة كفيها .. كانت تلك جارتها فجرية .. سلمت عليها وهى تقول :
-      مبارك زواج ابنتك .
-      الله يبارك فيك يا خيتى .. العقبة لبناتك .
جمدتها طويلاً أمام الباب وهى تسأل عن طقوس العرس وكيف سارت الأمور ومن حضر ومن لم يأت وتثرثر وتروى قصصاً وحكايات .. ثم أخبرتها عن ذلك الرجل الذى جاء عشية اليوم قبيل وصولها .. إستغربت لكنها لم تعر الأمر كثير اهتمام .
............. لم تعد سدينا تذهب للعمل كل يوم فقد انتهت الدراسة وبات عليها أن تذهب مرة واحدة فى الأسبوع .. لكن ترك الأولاد فى البيت أمر مقلق لأيما أم على الرغم من أنهم عادة ما يتأخرون فى النوم حتى قبيل مجيئها لكنها قررت أن تأخذ نجية معها وتوصى جارتها فجرية لترعى الولدين والمنزل فى غيابها .
لقد أصبح الحزن يطفح بوضوحٍ على وجهها الحنطى الموسوم بوشمٍ داكن الخضرة .. وفى لحظات الخلوة وحينما لا تجد شيئاً تصنعه تمد رجليها بالصالة أو الغرفة وتبكى .
لم يعد من حاجز يمنع الدمع من الجريان على خديها وليس أمامها الآن سوى البكاء .. وحين يختنق قلبها ويستعصى عليها الدمع كانت تهرب خارجاً .. تبحث عن أيما امرأة من جاراتها لتمض معها بعض الوقت وكانت أكثرهن فجرية فهى امرأة تحب الثرثرة وتجيد اختلاق المواضيع ولا يكاد فمها يصمت وهذا كان محط مقت سدينا لكنها الجارة الأكثر تواجداً قرب سدينا فى لحظات السأم . 
اللوحة للفنان الصنى : ليويي
 --------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق