الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الثانى عشر (( 5 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الثانى عشر (( 5 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الثلاثاء، 2 يناير 2018 | الثلاثاء, يناير 02, 2018

كانت مستلقية على بطنها فى الصالة .. تسند ذقنها على ذراعيها المتصالبين فوق وسادة بيضاء طرزت عليها ورودٌ مختلفة الألوان .. تلك صارت حرفة مريم بعد أن تخلت عن بناء التنانير لكنها كانت تطرز الوسائد لقتل الوقت وتبديد الشعور اللئيم بالوحدة .
تبدو قلقة .. تتململ وتتأفف بضيقٍ فيما لم يتوقف دوى الخفقان المزعج بقلبها .

ترى إلى الصغار وهم يلعبون حولها ويتصايحون وحين يتهيأ أحدهم للشكوى تغمض عينيها امتعاظاً وهى تقول بضيق مستبقة شكواه :
-      باهى باهى .. عدى غادى .
تدفق صوت محرك السيارة وهى تتوقف أمام البيت من نافذة الصالة المشرعة .. هبت واقفةً وأشعلت ضوء المربوعة .. لا تدرى لم أضاءتها لكنها فعلت وهى تترقب دخول أمها ومن خلفها خالتيها وزوج خالتها مبسوطة .. إنهالت عليها القبلات من أمها وخالتها مبسوطة وهما تباركان لها .. إحتظنتها خالتها مريم بقوة وهى تبكى :
-      خلاص يا خيتى .. ستبكينها وتفسدين فرحتها .
قالت مبسوطة وهى تشد أختها بلهجة رقيقة .
سلم عليها أيضاً زوج خالتها فبدا على محياها الإرتباك وارتعشت مفاصلها بقوة ووجها أضحى مثل جمرةٍ ملتهبة .
لم تجرؤ على الجلوس معهم فهربت بخجلها إلى المطبخ مشغلةً نفسها بتجهيز عدالة الشاى .. غير أن خالتها مريم نادتها قائلة :
-      تعالى يا مريم .. لا تتعبى نفسك .. لا نريد شيئاً .
-      لقد أكلنا حتى انتفخت بطوننا من خيرات أهل دارك .. (( قالت مبسوطة متضاحكة )) .
-      تعالى يا بنية .. (( كررت مريم النداء )) .
جاءت مرتبكة تتعثر فى الخطى بينما يرقبنها معلقات
-      راكى تطيحى يا حنة .. أمسكى روحك .
نبرت مبسوطة وهى تمازحها بينما كان الرجل ماداً ساقيه يفتل شاربيه ويبتسم .
-      خلاص .. لا ترفعى من الآن ولمدة شهر حتى إبرة .. إهتمى بصحتك .. نريد أن يشكرنا العريس على هذه الهدية الرائعة التى سنقدمها له .
-      خلوها عنكم يا عرب .. (( قال الرجل )) .
نهض آمراً زوجته :
-      هيا يا ولية .. تأخرنا .
بقيت خالتها مريم معهم بالبيت ليومين كانا أسعد يومين بحياة البنت .. لم تمل حديثهما عن عريسها وكلما سكتتا تمنت لو يعيدان الحديث كرة ومرات ! .
-      والله ما شاء الله باين عليه راجل كويس .
قالت أمها موجهة الكلام لشقيقتها :
-      ما زال صغيراً .. رأيته وهو يسلم على ادريس بحرارة .. راجل رحاب شرهاب .[1]
-      إن شاء الله ربى يتمم على خير .
قالت خالتها وهى تزرع فى عينيها نظرة حانية .. أردفت :
-      إسمعى .. يجب أن تهتمى بنفسك جيداً فالعرس بعد شهرٍ واحدٍ فقط .. كلى جيداً ونامى ولا تفكرى بأى شىء .. أنظرى إلى نفسك تبدين مثل العود ! .
-      والله لا ينقصها شىء لكن.....................
-      سبحان الله عليك نصيب .
-      هل عرفت من تكون أمه ؟ .
قالت سدينا وهى تنقل بصرها بين أختها وابنتها .. إستدركت :
-      هل تذكرين البيت الذى بناه سيدك الصيف الماضى فى قرنادة ؟ .. أم العريس هى صاحبة ذلك المنزل .
-      يبدو أنهم أناس طيبون ؟ .. (( تساءلت الأخت )) :
-      والله بالنسبة لأمه صباح وزوجها فهما طيبان جداً .




[1] شرهاب : بشوش .



--------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق