الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الحادى عشر (( 2 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الحادى عشر (( 2 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الخميس، 20 نوفمبر 2014 | الخميس, نوفمبر 20, 2014

ظلا يتراكضان تحت رذاذ المطر وفوق كتفيهما تتراقص الحقيبتان المعبأتان بالكتب والدفاتر .. إخترقا شويرعاً يربط بين شارع المدرسة بالـ(( كاوة )) والشارع الذى قبله .. ترددت خطوات سعد .. نادى شقيقه الذى كان يهرول .. توقف .. وثب اتجاهه .. قال وهو يسترق النظر إلى مبنى المدرسة :

-      إسمع .. إذهب أنت .
-      وأنت ؟ .
-      أنا لا أريد أن أدخل المدرسة .
-      وإلى أين تذهب ؟ .. تعود للبيت ؟! .
-      لا لن أعود للبيت وإياك أن تخبر أحداً .
جحظه بنظرة فاحصة مستغربة .. إستطرد بمكر:
-      سأخبر أمى .
بذل سعد جهداً مضنياً حتى تمكن من إقناع أخيه .. أعطاه فطوره أيضاً مقابل سكوته لكنه رفض وانصرف مهرولاً وهو يسمع الناقوس يقرع فى الساحة .
أدار سعد ظهره وانطلق .. كان اثنين من رفاقه ينتظرانه عند زاوية مبنى البريد .. إنطلقوا يهيمون بالشوارع يتراكضون .. يتزحلقون مع المنحدرات الموحلة بينما المطر بنهمر فوقهم بغزارة .
رجعت سدينا قبيل الظهر .. كانت مريم قد وضعت لتوها الحلة على البابور .. أحضرت لأمها كسرة خبز وطاسة شاى .. تقرفصتا على الكانون .. ألقمته مريم بفحم أحضرته فى صحن صغير قديم ثم بدأت تمروح بالصحن على الفحم حتى اشتعل وعلت ألسنة اللهب فيه فى حين تناثر الـ(( طشاش )) فلذعت إحداها الصغيرة فى يدها وهى تتكىء على ركبة أمها .. بكت فيما أخذت أمها تحك لها يدها بلطف وتقبلها بحنان .
-      الفحم كمل . (( قالت مريم )) .
-      لو كان عندنا بعض المال لاشترينا مدفأة جاز .
-      ليست غالية ثم إنها توفر علينا مشقة البحث عن الفحم .
-      خبر شين حتى الفحم منعوه ! .
-      صدقوا .. العرب دفعها الطمع إلى إحراق الأخضر واليابس .
-      يستر الله .. لو كان عندى مالاً لاشتريت دولاباً للمطبخ وآخر لهذا البذ[1] .. ثيابنا مكومة تقل نبّوا انشيلوا ! .
-      الله غالب يا يام .. على قيس فراشك مد كرعيك .. الآن المدفأة أهم .




[1] البذ : المتاع والثياب .

إرسال تعليق