الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم السادس (( 5 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم السادس (( 5 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الاثنين، 28 أكتوبر 2013 | الاثنين, أكتوبر 28, 2013


بعد الغداء إتجه إلى أمه .. كلهم حملوا المناجل واتجهوا إلى الزرع .. أما هو فقد حمل الـ(( صّاكو )) وانطلق إلى أمه .. لم يرها منذ ثلاثة أشهر .. هم أيضاً – أبوه وأسرته – لم يروه منذ نحو شهر .

تفكر ملياً قبل أن يحمل الحقيبة وينطلق : (( ماذا سيقولون ..؟.. هرب من الشغل .. لم يستطع حتى مجاملتنا ومد يده ولو بالكذب .. سيقول أبوه دعوه إنه حبق ظل .. وستقول زوجة أبيه إن يداه طريتان لم تتعودا الكد والتعب ووخز الشوك .. وستقول عمته إنه يخشى أن يجرح الزرع يديه قبل المنجل .. ويضيف جده كشفه الهبل .. ليقولوا ما شاؤوا فأنا جندى وهذه طبيعة عملى .. علىّ غداً باكراً أن أكون بالمعسكر .. نعم .. هذه حجةٌ مقنعة )) .
عقد العزم .. حمل الحقيبة وانطلق بعد أن ودعهم وقد تبادلوا وهو يشيعونه نظرات استنكار وريبة .. هو لاحظ ذلك فى مآقيهم لكنه لم يعره اهتماماً فغادر عبر الطريق الملتوية لا يلوى على شىء .
إستقبلوه بالقبل والترحيبات الحارة .. أمه حين حضر كانت تعد الشاى للعمال الذين يبنون لهم بيتاً جديداً .. فيما أخته سليمة تجهز الـ(( عصور )) المكون من خبز التنور وشرائح الطماطم والخيار المملحة .. أما بقية إخوته وأخواته فكانوا منكفئين على أنفسهم يدرسون استعداداً لامتحان نهاية العام :
-      نادى أباك يا بنت ليأخذ الشاى للعمال .
قالت صباح لكن فتحى نهض قائلاً :
-      أنا سأحمله .
-      إسترح أنت .. سيأتى بوشوال .
-      أريد أن أتفرج على البيت الجديد .
حمل السفرة التي كفأت فوقها أكواب الشاى حول برّاد صينى أسود ذا خطين ذهبيين فى الأعلى .. وسفرةً أخرى بها صحن لدائنى رصفت به شرائح الخيار والطماطم وإلى جانبه رغيفٌ من الخبز قسم إلى نصفين .
كان العمال يعملون بجد .. الأسطى محمد يواصل رفع الجدران ووزنها .. ومساعده يخلط الـ(( عجنة )) ويعبئها فى سطلٍ بلاستيكىٍ أسود .. وعاملان آخران يثبتان الأخشاب لصب قوالب النوافذ والأبواب .. بينما يقف بوشوال متفرجاً واضعاً يديه خلف ظهره .
فوجىء الأخير بفتحى فانفرجت شفتاه عن ابتسامةٍ كبيرةٍ وهو يرحب به .. وضع فتحى السفرتان وسلم على زوج أمه .. وحين اجتمع العمال لتناول وجبتهم راح فتحى يجول فى غرف المنزل وأقسامه وهو يبتسم بفرح غامر .
بات ليلته هناك .. كان أكثر حيويةً من المرة السابقة التي جاء فيها .. أو ربما هو يحاول أن يبدو كذلك .. تفكر لويحظات : (( ماذا يفعلون الآن فى الوسيطة ..؟.. لم أقل لهم بأنى ذاهب إلى أمى .. لابد أنهم يتساءلون ما إذا كنت قد وصلت بنغازى أم لا )) .


إبتسم .. إندفع يتحدث معهم وهم متحلقون بالصالة وقد أشرعوا الباب طلباً للبرودة . 

+ آراء وانطباعات + 1 آراء وانطباعات

غير معرف
30 أكتوبر 2013 في 12:44 م

أهلا بعودتك

إرسال تعليق