الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 6 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 6 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الثلاثاء، 22 يناير 2019 | الثلاثاء, يناير 22, 2019

إستيقظت على صياح الديك ذى الريش المصبوغ بألوانٍ قزحيةٍ براقة .. حكت عينيها المعبأتين بالنوم .. تربعت فى الفراش كيلا تعود للنوم فيتأخر زوجها عن العمل .
لم تنم جيداً من الرعب الذى استوطن قلبها بفعل أصوات الذئاب التى كانت البارحة قريبةً جداً لدرجة خالتها خلف البيت تماماً .. إلتصقت بزوجها النائم من فرط الخوف غير أنه استدار معطياً لها ظهره .. لزقت به من الخلف وظلت منكمشةً مستمعةً لوجيب قلبها الذى يدق خوفاً ورعباً .
نظرت من شقوق النافذة المنتصبة فوق رأسيهما فرأت خيطاً رقيقاً من ضوءٍ بدأ يخرق ستار الظلمة .. خرجت لتسخن لزوجها الماء ثم لتوقظه .. وبينما هو ينهض بتكاسلٍ اتجهت لتشعل البابور تحت براد الشاى . 

تناول الرجل فطوره وأشعل لفافةً ثم اتجه ليتفحص سيارته الـ(( داتسون )) البيضاء .. أدار محركها وتركه ليسخن ثم دخل ليبدل ملابسه .. فى حين كانت زوجته قد جهزت له كل ما يلزمه من ثيابٍ فى الحقيبة الجلدية السوداء ووضعت فوق الثياب عدة الحلاقة بعد أن لفتها فى المنشفة .
إستيقظت سليمة على صوت محرك السيارة .. إلتقطت السطل الحديدى وذهبت إلى الزريبة لتحلب البقرات .. كان الصبح قد انفلق مخرجاً العصافير المزقزقة من أعشاشها .. خلال ذلك تدفق صوت الحاج بن على وهو يقف بالصالة مستنداً على عكازه بيده اليمنى بينما يضع اليسرى خلف ظهره :
-      ثوروا يا هوه .. قايلة راها قايلة .
ضحكت مريم .. إبتسم فتحى وهو يقول :
-      لم ترى شيئاً بعد .
-      هل يفعل هذا دائما ؟ .
-      فى معظم الأيام .
إستيقظ الجميع بين نشطٍ ومتكاسل فيما تناول فتحى حقيبته .. ودع زوجته .. إلتقى أباه الذى كان عائداً من العلوة المقابلة حيث كان يقضى حاجته ويتوضأ للصلاة .. ودعه أيضاً وانطلق بينما تقهقرت مريم خجلاً من عمها لتدخل إلى حجرتها وتفتح النافذة وتبدأ بترتيبها .
عادت سليمة حاملاً سطلها الذى امتلأ بالحليب حتى ظهرت قبة الرغوة ناصعة البياض :
-      صباح الخير .
ردت مريم بهدوء :
-      صباح الخير .

تناولوا فطورهم ثم انتشروا كلٌّ إلى شأنه .. أما سليمة فقد طاب لها كما العادة أن تجلس إلى شكوتها .. تخض اللبن وتغمغم بالغناوى . 

--------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق