الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 4 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 4 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : السبت، 13 أكتوبر 2018 | السبت, أكتوبر 13, 2018

بدأت الآن تعتاد على حياتها الجديدة .. البارحة كانت آخر زيارة تقوم بها بعد الزواج بدءً من أبيها وعمها سعيد ثم أمها ثم أخوالها .. واليوم هو آخر أيام إجازة فتحى وغداً سيتركها لعدة أيامٍ وسيسافر إلى معسكره .. لن تراه سوى كل خميس وجمعة كما أخبرها ليلة البارحة .. قال لها وهو يراها ساهمة متفكرة :
-      بم تفكرين ؟ .
-      لا شىء .
-      بل هناك أشياء ! .. قولى لى فيما أنتِ شاردة ؟ .
-      أفكر بذهابك .. كيف سأقضى الوقت لوحدى .
-      لن تكونى وحدك .. أنتِ فى وسط عائلةٍ كبيرة .. لن تشعرى أبداً بالوحدة خصوصاً أننى أرى أنك اعتدت عليهم وهم كذلك اعتادوا على وجودك وأحبوك .
-      أنا لن أراك إلا كل خميس وجمعة .. تفارقنى كل سبت وأنتظر عودتك حتى الخميس .. هل تظن أن هذا مناسب ؟! .
-      أعرف شعورك وأقدره ولكن كما وعدتك حالما يجهز بيتى هناك سنسافر وسيكون بمقدورى العودة إليك كل يوم .. البيت مازال يحتاج إلى بعض التشطيبات ثم بعد ذلك سيكون على فرشه وتأثيثه وأنتِ تعرفين أننى أنفقت كل ما لدى فى العرس .
-      سيستغرق ذلك وقتاً ؟ .
-      القصر لا يبنى فى يومٍ وليلة ! .
-      وأمى ؟ .
-      ما بها أمك ؟! .
-      أفكر بها كثيراً .. إنها وحيدة .. ماذا تفعل للصغار حين تذهب للعمل ؟ .. وكيف ستمضى الوقت بعد أن تبدأ المدرسة ويذهب الولدان إلى أبيهما ؟ .
-      لا تفكرى بشىء .. خلى رزق بكرة على بكرة .
قال ذلك بتكاسل ظاهر .. تثائب بملء فيه ثم أدار ظهره ونام .
خرجت ترتدى ردائها الأسود ذا الخطوط الطولية الفضية لتجد عمها وعمتها والأولاد يجلسون بالصالة .. كانت عمتها تسكب الشاى بالـ(( طاسات )) التى ملأت حتى منتصفها بالحليب الطازج الذى حلبته مطلع الصبح من البقرات .
-      صباح الخير .
-      صباح الخير .. (( ردوا بصوتٍ واحد .. أضاف عمها )) كيف أصبحت ؟ .
-      صبّحك ع الخير .
-      الماء ساخن بالمطبخ (( نبرت عمتها )) .
أخذت سخان الماء .. غسلت وجهها أمام المنزل .. متعت نفسها قليلاً بمنظر السماء المشرقة وثغاء الماعز المخلوط بزقزقة العصافير وخشخشة أغصان الأشجار .. عبأت رئتيها برائحة الصباح الزكية الممزوجة برائحة الحطب والنار .

جلست قرب عمتها وتناولت فطورها بصحبتهم ثم نهضت لترى شؤون البيت .. بينما انطلق عمها بالـ (( تويوتا )) البيضاء صوب عمله فى حين أخذ الأولاد الثلاثة (( خرجهم )) الذى يحوى أكلهم وعدالتهم وغادروا إلى المراح مع أبناء عمهم سالم .
خلال ذلك انتهت عمتها من وضع البرميل الحديدى ووضعت فوقه النطع ثم جلست تميل مع شكوتها .. كانت مريم تراقب عمتها وهى تضع خرقة فوق ركبتيها وعليها تقبع الشكوة ممسكة بها من كلا الطرفين .. تميل الشكوة فتميل المرأة معها ساهمة شاردة مع خضخضة اللبن فتتحرك فى داخلها رغبةٌ شديدةٌ فى الغناء .

نجمة كانت تساعد مريم وهما تضحكان وتمزحان مع بعضهما بينما الصغيرة سالمين خرجت لتلعب مع ابنة عمها زهرة . 
 --------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

+ آراء وانطباعات + 1 آراء وانطباعات

غير معرف
13 أكتوبر 2018 في 7:44 م

كلما قرأت كلما ازددت شغفا لمتابعة البقية من هذه الحكاية

إرسال تعليق