الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الثامن (( 6 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الثامن (( 6 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الاثنين، 16 ديسمبر 2013 | الاثنين, ديسمبر 16, 2013

بفارغ الصبر كانت مريم تنتظر بزوغ شمس الأحد وهى تتقلب فى الفراش فقد انقطعت عن الذهاب إلى السوق منذ ثلاثة أسابيع لكن الوضع الآن أصبح أكثر سوءً .

أول أمس ساعدتها خالتها مريم على بناء تنورٍ وكانون .. وأمس تعاونت هى وأمها على بناء تنور آخر .. وفى المساء ذهبت إلى صديقتها واتفقت معها على الذهاب إلى السوق .. فايزة كذلك لم تذهب منذ ثلاثة أسابيع فأهلها لا يطمئنون عليها إلا مع مريم .
إرتفعت صيحات التجار فى السوق فيما تحركت الشمس ببطءٍ نحو كبد السماء مسلطةً حزماً من أشعةٍ دافئةٍ على الرؤوس المتزملة بعماماتٍ ومحارم مختلفة الأصباغ .. كانت الفتاتان قد ولجتا عامهما الثامن عشر .. مريم كانت تكبر فايزة بثلاثة أشهر لكن الفرق بينهما كبيرٌ جداً ففايزة كانت جميلة الوجه مكتنزة الجسد ومتعلمة وفوق ذلك فهى مرحة .. بينما يبدو وجه مريم مرتعاً للهم والغم وإن اكتست ملامحها ببعض سمات الجمال الشاحب .
رجلٌ أسمر تجاوز فيما يبدو العقد الثالث من عمره يرتدى بدلةً (( عربية )) مكرمشة استحال بياضها أحمراً بلون التراب .. و (( شنّة )) حمراء سكبت الشمس عليها وهجاً شرساً فبهت لونها .. شمّر كمى قميصه حتى المرفقين فظهر على ذراعه اليمنى وشمُ أخضر لنخلةٍ يتلوى عليها بومغرَف[1] وقد انتصب مخرجاً لساناً طويلاً متشعباً كشجرةٍ هاجمها الخريف فى وجه عقربٍ شمّر ذيله فلمعت فى مؤخرته إبرةٌ مقززة .
إنحنى على أحد التنانير متظاهراً بتفحصه وهو يختلس إلى الفتاتين نظراتٍ شرهة .. أشاحت مريم وجهها إلى الجهة الأخرى وامتدت يدها إلى محرمتها ساحبة إياها إلى الأمام مخفيةً وجهها الذى بدا كتفاحةٍ محمرة .. فى حين ابتسمت فايزة وهى تزرع فى عينى الرجل نظرةً سال لها لعابه وحركت فيه جموح شهوةٍ عارمة .. فتل شاربيه وهو يتمتم بغناوةٍ حضرت سريعاً على رأس لسانه :
-      يْلجَّن تقول رمــــــــــــــاح          يا عزيز واطى هدبهـــــن
إبتسمت البنت فى دلالٍ وردت بغنجٍ ممزوجٍ بالخجل :
-      اتركهن تْنال جمــــــيل          مالك سبب فى معهــــــن
لكن مريم قرصتها من الخلف فاحتقن فى عروقها دمٌ حارٌ دفع بالإحمرار إلى وجنتيها المكلثمتين الجميلتين وهى تكتم الصراخ بينما انسحب الرجل وسط تفحص بعض الزبائن للتنانير دون أدنى التفاتة ! .




[1] المغرّف : ملعقة خشبية لتحريك الطعام مفلطحة الرأس وهو اسم يطلق على أفعى الكوبرا لتشابه رأسها مع رأس الملعقة .

+ آراء وانطباعات + 1 آراء وانطباعات

غير معرف
19 ديسمبر 2013 في 7:22 م

فصول الرواية بدأت تحلى أكثر , الله يوفقك

إرسال تعليق