الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الخامس عشر (( 1 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الخامس عشر (( 1 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الثلاثاء، 19 فبراير 2019 | الثلاثاء, فبراير 19, 2019

(( يظل الحلم يولد من الحلم  ))
حنا مينة - الولاعة
وقفت تحت شجرة عرعارٍ فى أعلى العلوة الغربية حيث تظهر الطريق الترابية المتعرجة واصلةً بين الطريق الرئيسى والبيت .. كان الوقت عصراً .. تسلط الشمس ضوءً حارقاً لكنها التصقت بجذع الشجرة وهى ترنو إلى الطريق بلهفة .
صباح الإثنين الماضى كاد يغشى عليها .. وفى المساء ازدادت حدة الألم .. لم تك هى تدرك سبب ذلك الوجع غير أن النساء وهن مجتمعات على شاى العصر تحت العريشة كن يرمقنها بنظرات مريبة .. ظنت أنهن يسخرن منها فبان على وجهها شىءٌ من الضيق بيد أن عمة فتحى أزاحت ذلك الشعور حينما ضحكت قائلةً :
-      يبدو أن الذيب وقع فى المسرت .

ضحكت سليمة ومريم زوجة سالم لكنها مريم لم تفهم المغزى .. قربت مريم الأخرى رأسها من رأسها ونبرت بلهجة خافتة :
-      المسرت هو الفخ الذى ينصب للذئب .. إنه حلقة من الأسلاك تجعل بالسياج حيث تحاول الذئاب الدخول منها فيسرت السلك على رقبته حتى يموت .
لم تفهم المرأة كذلك لكنها منحتها ابتسامة جعلت مريم تقرصها فى كتفها وهى توضح :
-      ألم تفهى بعد ..؟! فتحى هو الذئب والولد هو المسرت الذى تقيد به المرأة زوجها .
جحظت عينا مريم ودارت على وجوه النساء فأكملت سليمة مهمة الإيضاح وهى تقرصها فى وركها :
-      عطك ثردة .. أنت حامل .. ما تحسين به من أعراض هى من دلالات الحمل .
-      أدركنا منذ أيام أنك حامل فالمرأة هى أقدر مخلوق على فهم المرأة ولكننا أردنا التريث لنتأكد .
قالت نجية معقبة :
-      وكيف عرفتن ؟ .
-      يا خيتى هابا ما حجلنا مغير فى فرحك !! .. أنت تجلسين مع نساء خبيرات كل منا لدينا جيش من العيال .. لكن الحق عمتك هى من أدركت ذلك وصرحت به قبلنا جميعاً .
لم تصدق ما سمعت وظلت مشدوهةً تتفكر فيما قيل وتتعجب من دهاء عمتها .. ولكن فى الوقت نفسه كان ينازعها شعور بالفرح وبدأت تتحسس بطنها مقتنعةً بأن ما يمزق أحشائها من الداخل ما هو إلا بذرة زوجها .
رجعت وقد ملت الإنتظار .. بدأت أشعة الشمس تتكاسل بينما كان فتحى يقطع الإلتواءات الترابية ببطء شديد .. كان شبقاً مشتاقاً بعد غياب أسبوع كامل وكان يريد المجىء منذ الصباح لكن صديقه عبد الهادى ألح عليه ليتغدى عنده .. قال فتحى معاتباً وهو يجلس بالمربوعة مرتدياً بذلةً فاخرةً سوداء ذات خطوطٍ بيضاء دقيقة وجوربٍ ناصع البياض :
-      هذه المرة الرابعة أو الخامسة التى أقبل فيها دعوتك وأنت لم تكلف خاطرك بزيارتى ولا مرة .. يا رجل أنت حتى عرسى لم تحضره ! .
-      لم تحن الفرصة بعد ولكننى وعدتك وأنا عند وعدى .. سأزورك وأمكث عندك حتى تطردنى .
ضحك فتحى وهم بأن يقول شيئاً لكن عبد الهادى استدرك :
-      ثم هل نسيت أنك عزمتنى على المطعم ؟ .
-      لو عزمتك عشر مرات فلن تحسب فليس كمثل طعام البيت وراحته .

-      فى هذه صدقت كل الصدق . 
 --------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق