الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 5 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 5 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : الأربعاء، 21 نوفمبر 2018 | الأربعاء, نوفمبر 21, 2018

فى المساء خرجت صحبة نجمة وزاهية وابنتى عمة فتحى يتنزهن فى الغابة المجاورة .. قالت مريم :
-      مكانكم هنا رائع .. لابد أن القعمول[1]كثير .
ضحكت فجرة وهى تقول :
-      القعمول انتهى وقته خلاص .
-      أعرف ولكنى أقصد أنه ينبت هنا بكثرة .. هو والغرمبوش والقمحى[2].
-      نعم وكريشة الجدى والخبيز .. ستملين منها .. تاكلى منها نين تنبشمى !! .

نبرت زاهية ابنة عم فتحى بينما عقبت زاهية ابنة عمته :
-      الآن وقت العجور .. هل تعرفين العجور ؟ .
ضحكت وأجابت :
-      أنا بدوية أيضاً .
-      ولكنك عشت بالمدينة (( قالت فجرة )) .
لم ترد مريم فتدخلت حماتها :
-      إسمعن يا بنات .. هذه زوجة أخى وهى فى حماى .
-      حِماك ؟! .. (( قالت فجرة مشاكسة )) سنرميك أنت وهى فى البئر .
-      وما دخلى أنا ؟ .
ردت مريم مبتسمة .. نكزتها نجمة فى جنبها معقبة :
-      تتخلين عنى ؟ .
-      أنت بنات أعمام وخالات أما أنا فغريبة .
-      أنت لست غريبة أنت واحدة منا خلاص .
عدن وقد انعكست الأشعة البرتقالية وصبغت بلونها الذرى .. كانوا مجتمعين تحت العريشة على شاى العصر .. الحاج بن على يجلس مسنداً كتفيه إلى الجدار وإلى جواره عجوزه كثلوم .. سليمة كانت تمزج القلية بحبيبات البطوم التى ما زال أغلبها نيئاً .. ومريم تولت إعداد الشاى الذى بدأت رائحته تفوح فى الأرجاء فيما الصغيرتين سالمين وزهرة تلعبان أمام البوابة الغربية على مجموعة من الصقورة وحبيبات الزمباع[3] .
دخلن من البوابة الشمالية وهن يتضاحكن ويتدافعن .. أحست مريم بالحرج .. سحبت غطاء رأسها سريعاً إلى الأمام وتقدمت من خلفها الأخريات :
-      سلام (( قلن متتابعات )) .
-      سلام .. أين كنتن ؟ (( سأل الشيخ وهو يمد رجليه .. ردت سليمة نيابة عنهن )) .
-      كانن يدهورن فى الغابة .
-      ردن بالكن من الأذياب (( أردف الشيخ ممازحاً )) .
إبتسمت مريم .. فتحت كفيها اليسرى لتنفرج عن حبيبات العجور الحمراء والبرتقالية .. أعطت كل واحد حبة .. تقبلوها مبتسمين .. دخلت عمة فتحى وهى تقول :
-      سلام .
-      سلام .. أقعدى (( قالت مريم وهى تبرد الشاى )) .
تناولوا أكواب الشاى مع القلية وهم يتحدثون فى أمور الحياة والزرع والسعى فيما كانت مريم تتابع الحديث بصمت وتتنقل بنظراتها بين وجوههم وتبتسم لضحكاتهم .
... غربت الشمس .. كل ذهب إلى بيته بعد انتهاء طقوس العصرية .. أشعلت سليمة الفنار المعلق بالصالة بين المطبخ والحمام .. أشعلت كذلك الفنار المعلق بالمطبخ بينما عبأت مريم السخّان بالماء ووضعته فوق البابور .
رجع فتحى ووالده ومعهما ميلاد من الغوط السفلى وقد تدثروا بالغبار والقش من جراء تنظيف الأرض من الأحجار .. جاء يوسف ومفتاح أيضاً من المرعى .. إغتسلوا وانبطحوا فى الصالة بينما جلست سليمة خلف العدالة وتولت مريم ونجمة تجهيز العشاء .





[1] القعمول : الخرشوف .
[2] القمحى : الفطر .

[3] الصقورة : جمع صقر وهى القوقعة   - الزمباع : ثمر العرعار .

 --------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق