الرئيسية » , , » امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 3 ))

امرأة خاصمها القدر - القسم الثالث عشر (( 3 ))

بقلم : صالح سعد يونس - نشر فى : السبت، 29 سبتمبر 2018 | السبت, سبتمبر 29, 2018

خرج من الغرفة بعد أن بدل ثيابه فهجمت عليه النساء مقبلاتٍ مباركاتٍ متفحصات فيما انهالت أخريات تدفقن إلى حجرة العروس عليها بأسئلةٍ بليدةٍ محرجة .
ساعدتها عمتها سليمة (( الأم الثانية لفتحى )) وعمة فتحى وزوجة عمه فى تهذيب لباسها وتعديله .. ثم أخرجنها لتجد أمها وخالاتها وزوجة أبيها وأخواتها ينتظرنها فى الحاجر الإسمنتى .. قمن جمعهن من أماكنهن .. طرقعت القبلات على خديها وتعالت الزغاريد ودقت الطبول وغنت الفتيات ورقصن .
خلال ذلك كان فتحى يجلس داخل البيت وقد تحلق من حوله الرفاق وأبناء العمومة .. كان هو الآخر محاصراً بينهم يجيب على سؤال هذا ويداعب ذاك ويشاغب أخر .. بينما كان أخوه ميلاد وابن عمه عمران يساعدان عمه سالم فى ذبح شاتين لوجبة الغداء .. أما أخواه الآخرين صحبة ابنا عمه فقد كان نصيبهما الرعى مرغمين فالمواشى المجترة لا تعرف العطلات ..!.

وتبوأ الوالد صدارة البيت وقد تهللت أسارير وجهه وتزينت شفتاه بابتسامة عريضة مستقبلاً الضيوف الذين بدأ بعضهم بالوصول مبكراً .
خلال ذلك خرج فتحى الذى أرسلت أمه وهى تقف خارجاً إليه فانكبت على خديه مقبلةً وهى تجهش بالبكاء وتحضنه مباركة .. قالت بعد أن اطمأنت وجف الدمع من عينيها :
-      هذه البنية أنا التى اخترتها لك وأنا من يوصيك عليها فهى قزونة .. مثلك تماماً .
أومأ لها مبتسماً موافقاً على ما قالت ثم رجع إلى البيت الذى بدأ يضيق الضيوف من الرجال .
مرت القصاع من أمامه وهو جالس بمكانه كسلطان حقيقى مليئةً بالرز واللحم الوطنى ثم عادت فارغة بينما كان هو منشغلاً بتناول غدائه صحبة رفاقه .
رحل أهل العروس وبدأ البيت يخلو من الرجال كما خلا المنزل من النساء عدا عددٍ قليلٍ من الأقارب .. كانت مريم خلال العشية تلك تمنى نفسها بإغفاءةٍ قصيرة فقد أرهقت بما فيه الكفاية خلال أسبوعٍ وأكثر .. منذ الأحد الماضى حينما جاء والدها مع ابن عمه وأخذاها .. هكذا يجب أن يكون :
-      العروس لا تخرج إلى بيت زوجها إلا من بيت أبيها .
هذا ما  قالته لها أمها ووافقتها عليه خالتها مريم وكررته زوجة أبيها .. لكن أمها كانت تضيف مستنكرة :
-      عليك عكس يالدنيا .. الأم تربى وتتعب وتسهر وتتشقق قدميها وهى تطارد اللقمة لتطعمها لبناتها وهو يضع الـ(( حلوان ))[1] فى جيبه .
كانت تتهادى وهى تجلس على طراحية تحت العريشة مداعبة بأناملها صوف النطع الأبيض الناعم الذى وضع فوق الفراش .. تحك عينيها بقوة وتطأطىء حياءً من عيون البنات والنساء وهن يرمقنها بنظراتٍ مختلفة ويثرثرن معها ويسألنها عن تفاصيل حياتها ...................




[1] الحلوان .. المهر .
--------------------------------------------------------------------------

صالح سعد يونس
كاتب وباحث
مؤسس الموقع
| يمكنك متابعتي على: | | | |
---------------------------------------------------------------------------

إرسال تعليق